نقلة نوعية في تعليم المكفوفين
الشريف: «معلم بريل» مطلوب عالمياً
الدوحة - فتحي إبراهيم بيوض
فتح اختراع جهاز تعليم فاقدي البصر «معلم بريل»، أفقاً جديداً لتخطي الإعاقة، وأصبح أداة فعالة لتعليم الأكفاء القراءة والكتابة بالنسبة لهذه الشريحة. الأستاذ محمد هاشم الشريف، مخترع الجهاز، تحدث بتواضع ومحبة عن اختراعه. قصة وليدة مخاض طويل تابعه الدكتور سيف الحجري نائب رئيس مؤسسة قطر للتنمية والعلوم وتنمية المجتمع الذي واكب تبلور الفكرة من بدايتها إلى نهايتها. يقول الشريف: «معلم برايل هو ناتج سنوات طويلة من التفكير، والجدل بين الإبداع اختراعاً وتقنية، فالفكرة لم يُتطرق إليها، إلا من خلال مجموعة متواضعة من الأدوات محلياً ودولياً...ومن خلال تفاعلنا واستخدامنا للمنتجات التي تُعنى بتعليم الكفيف قراءة وكتابة برايل الخط البارز، تعرفنا على سلبياتها وايجابيتها، وكان من أكبر عيوب كافة المنتجات التي سبقتنا في هذا المضمار أنها تتكون من وحدات منفصلة قابلة للفقد والضياع، مما يجعلها بالضرورة أداة غير مثالية ليتعامل معها الكفيف، فلقد تبين لنا عبر الخبرة والتجربة، أنه من الضروري أن تكون منتجات المكفوفين مدمجة، ولا تحوي على زوايا حادة، ومصنوعة من مواد آمنة صحياً خاصة إذا ما تم توجيهها لصغار السن من المكفوفين، لأنها دائماً عرضة لأن يضعها الطفل في فمه».
براعة الاختراع في بساطته
عن بدايات الفكرة قال الشريف: لقد قدمت إلى الدوحة بفكرة الوسيلة، التي كانت تشغل بالي، وخضت بعض تجارب إنتاجها، في صورة أولية لم تكن تحظى حتى بتقديري الشخصي، ولكن شريكي في الاختراع، الدكتور سيف الحجري، استطاع أن ينقل الفكرة إلى مستوى راق ، فهو صاحب فكرة المفتاح المتحرك المتضمن في المخترع، وإن كنت قد عملت على تطويرها فلم يكن هذا سوى بعد أن دمجها الدكتور كجزء من العمل، لقد عملنا سنين على هذا الوسيلة، والذي لا يعرفه الجميع، أنه لم تكن تمر ليلة تقريبا إلا ويتم النقاش في العمل، وتطويره يوميا.
وأضاف أن «براعة بعض الأشياء تكون في قدر بساطتها التي تبدو عليها، ويبدو أن معلم برايل من هذا النوع من الأشياء....».
رسالة عالمية لمحو أمية المكفوفين
ورأى الشريف أنه لم يأت شيء بـ»معلم برايل» عن طريق الصدفة، فقد تم العمل على كل تفاصيله وخصائصه، فبعض التفاصيل التي قد لا تعني شيئا بالنسبة لغير المتخصص، سوف يكتشف المستخدم يوما بعد يوم قيمتها وضرورتها، فالخلية التي تبدو دائما سداسية النقاط في مصفوفة 3 × 2 ثلاثة صفوف وعمودين، كنا حريصون على أن تتماثل جميعا في كل الأوقات، لكن تظل هناك فروق بادية بين نقط أكثر بروزا ونقاط أخرى تنزوي دون أن تختفي.
إن المقصود هو بناء هذه الخلية في عقل الدارس، ولا مجال لأن يخطئ الدارس بين مواقع النقط الأكثر بروزا فهو يميز النقطة الخامسة عن السادسة والثالثة عن الخامسة وهكذا.
وأردف «إذا تخيلنا خلية دون تمثيل نقاطها الست فهي خلية يمكن الوقوع في أخطاء التمييز بين مواقع النقاط بها وهو العنصر الأكثر أهمية في بناء المفهوم. إن هناك العديد من الميزات، والتي سيكتشفها المستخدم على مستوى العالم، فالوسيلة ليست محلية ولا إقليمية بل عالمية، ونحن يحدونا شعار شديد الأهمية في تسويق تلك الوسيلة، يجعل من الخمسين مليون كفيف على مستوى الكوكب مستهدفين للوسيلة»، إنها «لمحو أمية الكفيف أيا كان جنسه أو جنسيته أو وطنه أو عقيدته أو عمره، إننا عن طريق هذه الوسيلة نحمل رسالة عالمية، رسالة تمثل صدق توجهنا للإنسان، متخطين كافة الإثنيات التي فرضت على الإنسان لعقود طويلة».
معلم برايل لمكفوفي الصومال كما ألمانيا
وعن طريقة عمل الجهاز، قال الشريف: الوسيلة تعمل بصورة يدوية ولا تحتاج لأي مصدر للطاقة، ولقد ارتضينا ذلك مبتعدين عن إضافة أي بعد إلكتروني حتى يمكن استخدامها والاستفادة منها في الصومال كما في برلين، وحتى يقل مقدار تعرضها للتلف، وحتى تظل الحاجة قائمة لمبصر وكفيف في التعلم، ويتحقق أهم أهداف الوسيلة وهو التعلم المشترك بين الكفيف والمربي، فنتمكن من تعليم المبصرين كيف يتم الكتابة بطريقة برايل، وما هي أبجدية الكتابة والقراءة البارزة، وكي تنتفي الشكوى الدائمة التي غالبا ما تحملها الأمهات في أنهن لا يستطعن متابعة أبنائهن من المكفوفين دراسيا، ونعتقد أنه بعد تحقيق انتشار هذه الوسيلة، ستنتفي مثل هذه الشكوى. ونوه الشريف إلى أنه تم تسجيل براءة اختراع الوسيلة، باسمه وباسم الدكتور سيف علي الحجري، للحفاظ على الاختراع ولعدم استغلاله من قبل البعض.
طلبات كبيرة على المعلم
وحول الإقبال على هذا المنتج الجديد، أوضح الشريف أن « معلم برايل» ما زال في أطواره الأولى، ومع ذلك فإنه «يحظى بسمعة طيبة و لا يمر يوم دون تقديم طلبات عليه، ونحن في سبيلنا لتحديد الاحتياجات ومن ثم ننتج ما يتناسب مع الطلبات، أما ما يخص عوائد البيع المحدودة فلقد خصصت لمعهد النور باعتباره منتج هذه الوسيلة، إننا ننطلق من تصور مسؤوليتنا عن المكفوفين، ولا تحركنا الأمور التجارية، ولا نفكر سوى في تطوير هذا المجال ونحن جادون في ذلك». يذكر أن «معلم برايل»: جهاز يعتمد على حفظ أبجدية اللغة والأرقام، بطريقة برايل، وهو وسيلة لتعليم القراءة والكتابة في وقت واحد وبعدة لغات.
http://www.alarab.com.qa/details.php...o=145&secId=16